ما هو القزع المنهي عنه وما حكم القزع في الاسلام

مما ابتلي به بعض الناس اليوم قصات شعر الرأس على أشكال متعددة لهثاً وراء الموضات، ورغبة في الشهرة، وطلباً للمفارقة للفت نظر الناس إليهم، وقد يحمل على ذلك تشبه بمشاهير فن أو كرة أو كفرة، وقد يجهل بعضهم حكم ذلك، ولو علموا لتجنبه كثير منهم، فرأيت بحثه وإفادة القارئ بحكمه.
ما هو القزع المنهي عنه
القزع هو حلق بعض الرأس، وترك بعضه، وقيل: هو أن يحلق مواضع متفرقة من الرأس، وهو مأخوذ من القَزَع بفتح القافُ والزاي قَطِع من السحاب رقيقة، واحدتها قَزَعة، واتفق الفقهاء على كراهته لأن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن القَزَع.
وقد ذكر في بعض الكتب الإسلامية عدة تعاريف للقزع وهي:
قال في مختار الصحاح (ص٥٤٧): "أن يحلق رأس الصبي، ويترك في مواضع منه الشعر متفرقاً".
وقال في المصباح المنير (ص٤١٠): "هو حلق بعض الرأس دون بعض".
وقال المرداوي في الإنصاف (١/ ٢٧٢): "أخذ بعض الرأس، وترك بعضه على الصحيح من المذهب، وقاله الإمام أحمد، وعليه جمهور الأصحاب"، وبهذا عرفه في المطلع (ص١٦).
فتبين من ذلك أن جميع صور حلق بعض الرأس وترك بعضه داخل في معنى القزع، ومقتضى عبارة الإنصاف والمطلع أن تقصير بعضه وترك بعضه داخل في معنى القزع.
حكم القزع في الاسلام
خلق الله -تعالى- الإنسان في أحسن تقويمٍ، وركّب جسمه تركيباً عظيماً دقيقاً، كما جعل له من الأعضاء والأجزاء ما ينفعه، ويُعينه في قضاء حوائجه، وما يُزيّنه ويجمّله، وكان من تلك الأجزاء شعر الإنسان، فقد أنبت الله -تعالى- الشعر للإنسان في عددٍ من مواضع جسمه؛ لأن جسد الإنسان هو مناطٌ في تكليفه بالتكاليف الشرعية، فقد ارتبطت الأحكام الشرعية بأعضائه على وجه العموم تارةً، وعلى وجه الخصوص تارةً أخرى، ولم يكن شعر الإنسان بمنأى عن ذلك، فقد ارتبطت به مجموعةٌ من الأحكام، والتوجيهات الشرعية، حيث إنّ شعر الإنسان يأخذ في الشريعة الإسلامية ثلاثة أحوالٍ بحسب الموضع النابت فيه من جسم الإنسان:
الحال الأول: هو الأمر بإبقائه والنهي عن الأخذ منه، ومثاله شعر الحاجبين، وشعر اللحية بالنسبة إلى الرجل.
والحال الثاني: هو الأمر بإزالته والنهي عن إبقائه، ومنه الأمر بحلق العانة، ونتف الإبط، وقصّ الشارب.
والحال الثالث: هو ما ترك الشارع للإنسان أن يختار فيه بين إبقائه أو إزالته، ويشمل ما تبقى من شعر الإنسان عدا المذكور في الصنفين الأولين.
اختلاف الفقهاء في حكم القزع
اختلف الفقهاء في حكم القزع على قولين:
القول الأول: أنه مكروه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، فقال النووي في المجموع (١/ ٣٤٧):" ويكره القزع"، ونقل الإجماع على كراهته.
القول الثاني: أنه محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، والأصل في النهي التحريم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحلقه كله، أو تركه كله، والأصل في الأمر الوجوب، فدل الحديثان على تحريم القزع.
قالت اللجنة الدائمة للإفتاء (٥/ ١٩٥): "لا يجوز ترك بعض شعر الرأس أطول من بعض"، وبهذا أفتى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، كما في فتاويه (٢/ ٤٩-)، وجزم به الشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرح زاد المستقنع(١/ ١٤٦).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من كمال محبة الله ورسوله للعدل، فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه، ويترك بعضه؛ لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيا، وبعضه عاريا".
ما انواع القزع
القزع ورد في القزع عددٌ من التعريفات، خلاصة ما فيها أنّ القزع هو حلق بعض شعر الرأس، وترك بعضه الآخر، ممّا يدلّ على أنّ جميع صور حلق بعض الرأس دون بعضٍ داخلٌ في معنى القزع، وذلك أنّ للقزع أنواعاً عديدةً، ذكرها ابن القيم رحمه الله فقال:" القزع أربعة أنواع وهي:
أن يحلق الإنسان مواضعاً متفرقةً من شعره، ويترك ما تبقّى، بحيث يظهر شعره متقطّعاً.
حلق الإنسان منتصف رأسه، ويترك جوانبه كما هي.
حلق الإنسان جوانب شعره، ويترك منتصفه كما هو.
حلق الإنسان مقدّمة رأسه، ويترك مؤخرته دون حلق.
هل يجب ان يقص الرجل ما وصل بين حاجبيه
حكم إزالة ما بين الحاجبين للرجل أو المرأة، فلا بأس به إذا كان الشعر منفصلاً عن الحاجبين وليس متصلاً بالحاجبين فلا تجوز إزالته لأنه منهما حينئذ.
قال الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم: أما ترقيق الحاجبين بنتفهما أو نتف جوانبهما أو إزالة ما بينهما إذا كانا مقرونين، فكل ذلك لا يجوز، لأن النهي يشملهما، ولأن ذلك يدخل في مفهوم النمص، وهو منهي عنه. والله أعلم.
ادلة النهي عن القزع
عَنْ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَالَ: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ، وَيُتْرَكُ بَعْضٌ. (متفق عليه.
وعن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ» (رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني).
هل قص جوانب الشعر خفيفا او تدريجهما يعتبر حراما
قص جوانب الشعر أو تخفيفه، فلا يدخل في القزع، إذ الكراهة مخصوصة بالحلق، إلا أن يكون ذلك تشبهاً بالكفار أو أهل الدعارة والفسوق فلا يجوز.